تأثير اللبن على صحة الأمعاء
تأثير اللبن على صحة الأمعاء :
إن التركيب الميكروبي للجهاز الهضمي لدى الإنسان , و الميكروبات التي تدخل إلى الجهاز الهضمي عبر الطعام , يمكن أن يكون لها تأثيرات مفيدة أو ضارة على الصحة .
تشير العديد من الأدلة إلى أن بعض الأنواع البكتيرية المستخدمة في تخمير مشتقات الحليب مثل اللبن , بالإضافة لعدد من الميكروبات الخاصة و المفيدة للجهاز الهضمي , لها تأثيرات قوية مضادة للالتهاب و الأمراض . إن هذه الميكروبات تعمل على تعزيز مقاومة الجسم لأنواع الميكروبات الممرضة في الأمعاء , و بالتالي يمكن أن تكون بمثابة علاج و وقاية من الأمراض الناجمة عن نمو و تكاثر هذه الميكروبات الممرضة .
منتجات البروبيوتيك تحتوي على أنواع بكتيرية مفيدة للإنسان , حيث أنها تستقر في الأمعاء بعد تناولها و تترك آثار مفيدة على صحة الإنسان .
مصطلح " بروبيوتيك " (probiotic) ذو أصل لاتيني , و معناه " من أجل الحياة " , كما أن منظمة الصحة العالمية تطلق هذا المصطلح على الكائنات الحية الدقيقة التي لها تأثيرات مفيدة لصحة المعيل في حال تناولها بالكمية اللازمة .
كما يستخدم مصطلح البروبيوتيك كصفة للمواد الغذائية التي تحتوي على هذه البكتيريا .
في الواقع يتم استهلاك البروبيوتيك بطريقتين :
1 – كمكملات غذائية على شكل مسحوق أو شراب أو كبسولات .
2 – على هيئة مواد غذائية غنية بالبروبيوتيك , مثلاً إذا تم استعمال بكتيريا البروبيوتيك في إنتاج أي نوع من المنتجات اللبنية يطلق على ذلك المنتج تسمية بروبيوتيك .
اللبن هو غذاء تقليدي كثير الاستهلاك يحتوي كميات كبيرة من البروبيوتيك . من أجل إنتاج اللبن الزبادي تستعمل بكتيريا حمض اللاكتيك و التي تسبب تخمر الحليب و تحويل يكر اللاكتوز إلى حمض اللاكتيك . إن توسع استعمال البروبيوتيك في سبيل تعديل التكوين الميكروبي للجهاز الهضمي , يطرح رؤى جديدة فيما يتعلق بدورها في الصحة و الوقاية من الأمراض .
كما بينت العديد من الدراسات الدور المفيد و العلاجي للبروبيوتيك على صحة أمعاء الإنسان . و هنا سنوضح أهم الأدلة الموجودة فيما يتعلق باستهلاك الزبادي و أنواع بكتيريا حمض اللاكتيك المستخدمة في عملية تخمير الحليب , و التأثيرات العلاجية و الصحية لها , و خاصة فيما يتعلق بأداء الجهاز الهضمي و الوقاية من الأمراض .
- القيمة الغذائية للبن الزبادي :
مجموعة فيتامينات B
في الأساس , إن التخمير يسبب انخفاض مستوى فيتامينات الحليب بالمقارنة مع الأملاح , وذلك لأن حساسية الفيتامينات لتغيير العوامل البيئية أكبر بكثير من الأملاح .
أهم العوامل المؤثرة أثناء التخمير و التي تسبب انخفاض مستوى الفيتامينات تشمل : الحرارة و البسترة , الترشيح الفائق , التحريك , و شروط الأكسدة . بالإضافة إلى أن نوع الزراعة الميكروبية المستخدمة في التخمير تؤثر على انخفاض مقدار فيتامينات الحليب .
إن أنواع بكتيريا حمض اللاكتيك تحتاج في نموها و تكاثرها إلى فيتامينات المجموعة B , و أهم تلك الفيتامينات هو الفيتامين B12 . بعض الأنواع البكتيرية قادرة على اصطناع الفيتامين B12 و بالتالي , فإن الاختيار الدقيق للأنواع البكتيرية المستخدمة في التخمير يمكن أن يشكل عاملاً مهماً في الوقاية من الانخفاض الكبير في مستوى الفيتامين B12 .
اللاكتوز :
مشتقات الألبان هي المصدر الوحيد لتأمين سكر اللاكتوز . قبل حصول التخمر , يكون مقدار اللاكتوز في الحليب حوالي 5 بالمئة . بكتيريا حمض اللاكتيك تقوم بتحويل سكر اللاكتوز إلى حمض اللاكتيك . و لذلك فإن الخاصية الحمضية للبن أكبر من الحليب . و لذلك فإن الأشخاص الذين يعانون من حالة " الحساسية لسكر اللاكتوز " يتحملون اللبن الزبادي أكثر من الحليب .
البروتينات :
عادة تكون نسبة البروتينات في اللبن الزبادي المنتج في المعامل أكثر من الحليب , و ذلك لأنه خلال إعداد اللبن الزبادي , و بهدف إكسابه قوام أفضل , يتم إضافة مقدار من الحليب الجاف منزوع الدسم إلى الزبادي . هناك اعتقاد بأن بروتين الزبادي هضمه أسهل بكثير من بروتين الحليب و ذلك لأن البكتيريا المخمرة , تقوم بالمراحل الأولى من هضم البروتين .
مع زيادة مدة حفظ الزبادي , تزداد قابلية هضم البروتينات فيه . أثناء تخمير الحليب فإن كل من الحرارة و الحمض الناتج يسببان تخثر كازئين الحليب . هذه الشروط تسبب زيادة قابلية هضم البروتين . و بالتالي , فإن بروتينات اللبن الزبادي يتميز بنوعية حيوية أعلى بكثير من الحليب .
الدهون :
دهون الحليب تخضع لمجموعة من التغيرات أيضاً خلال عملية التخمر . لقد تبين أن تركيز حمض اللينوليك المحافظ , أعلى في اللبن منه في الحليب . هذا الحمض الدهني يمتلك خاصية تحفيز النظام المناعي للجسم و يمتلك خواص مضادة للسرطان . كما تم إثبات تأثير هذا الحمض على تثبيط تكاثر الخلايا السرطانية .
الأملاح :
إن اللبن يشكل مصدر غني للكالسيوم و الفوسفور . في الحقيقة إن اللبن و الحليب و الأجبان و جميع منتجات الألبان توفر جزء أساسي من حاجات الجسم اليومية من الكالسيوم .
نتيجة الحموضة العالية للبن الزبادي , فإن امتصاص الكالسيوم و المغنيزيوم فيه أسهل بكثير منه في الحليب . و بالتالي بالنسبة للنساء في سن اليأس و اللواتي هن أكثر عرضة للاضطرابات العظمية و هشاشة العظام , فإن الزبادي و باقي منتجات الألبان تشكل مدر غذائي مهم جداً للكالسيوم . كما أن الحموضة المرتفعة للزبادي تقلل من تأثير الفيتات في الحد من امتصاص الكالسيوم و جميع العناصر ثنائية الشاردة .
الآليات المقدمة حول المزايا المحتملة للبن على وظائف الأمعاء :
التكوين الميكروبي في الأمعاء :
العصيات اللبنية " لاكتوباسيل " هي إحدى الأنواع الميكروبية الموجودة في التكوين الميكروبي للأمعاء الدقيقة و الغليظة . من أهم خصائص عصيات لاكتوباسيلوس هو الحد من نمو الأنواع البكتيرية الممرضة في الأمعاء . و لكن من أجل لكي تمتلك عصيات اللاكتوباسيلوس هذه الميزة في الحد من نمو البكتيريا الممرضة , يجب أن تكون قادرة على التكيف مع البيئة المعوية للمضيف , و أن تكون قادرة على البقاء حية لمدة طويلة في الجهاز الهضمي .
إن بقاء بكتيريا حمض اللاكتيك على قيد الحياة يرتبط بحموضة المعدة , التماس مع الأنزيمات الهاضمة و أملاح الصفراء . من جهة أخرى فإن الأنواع المختلفة من بكتيريا حمض اللاكتيك تمتلك قدرات متفاوتة على البقاء حية في بيئة القناة الهضمية .
الاستجابة المناعية للأمعاء :
الأنسجة اللمفاوية لمخاط القناة الهضمية تشكل الخط الدفاعي الأول ضد الميكروبات الممرضة الواردة إلى القناة الهضمية . تشير الدراسات إلى أن بكتيريا حمض اللاكتيك تساعد على تحسين الكفاءة المناعية للأنسجة اللمفاوية للجهاز الهضمي . إن من العوامل المؤثرة في هذه العلاقة: خلق درجة حموضة منخفضة , إنتاج أحماض عضوية , ثاني أوكسيد الكربون , بيروكسيد الهيدروجين ( عامل قاتل للبكتيريا ) , الإيثانول , استهلاك المواد المغذية و المنافسة على المكان من قبل هذه البكتيريا .
كما تشير الأبحاث أن تناول بكتيريا حمض اللاكتيك عن طريق استهلاك اللبن الزبادي , يسبب زيادة ترشح الغلوبولينات المناعية من النوع A , و زيادة عدد الخلايا المولدة لهذه الأجسام المضادة في نسيج أمعاء الفئران , و هذه الخاصية تتعلق بمقدار الكمية المستهلكة .
الأجسام المضادة A تلعب دور رئيسي في الحد من الأنواع البكتيرية الممرضة في الأمعاء .